فأفحموا عن الجواب وتقطعت بهم الأسباب، وعدلوا إلى الحروب والعناد وآثروا سبي الحريم والأولاد، ولو قدروا على المعارضة لكان أهون كثيرا وأبلغ في الحجة وأشد تأثيراً مع كونهم أرباب البلاغة وعنهم تؤخذ الفصاحة.
واعلم أن القرآن نفسه هو المعجز بألفاظه ومعانيه لأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة إذ لم يوجد كلام قط على هذا الوجه، وما قاله النظام ومن على شاكلته من أن وجه الإعجاز في القرآن هو أنهم منعوا منه وصرفوا عنه قول فاسد، لأن إجماع الأمة قبل حدوث المخالف أن القرآن هو المعجز، فلو قلنا إن المنع والصرفة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزاً، وذلك خلاف الاجماع.
هذا وقد ذكر العلماء أوجهاً كثيرة للاعجاز نلخص منها مايأتي بإيجاز:-
١- النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب لأن، نظمه ليس من نظم الشعر في شيء وكذلك قال ربّ العزة الذي تولى نظمه ﴿ وما علمناه الشعر وماينبغي له ﴾ ( يس : ٦٩). وفي صحيح مسلم أن أنيساً أخا أبي ذر قال لأبي ذر: لقيت رجلاً بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون شاعر كاهن ساحِرٌ وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر (١) فلم يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون (٢).
٢- الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب.
(٢) مسلم رقم ٢٤٧٣، البخاري رقم ٣٥٢٢، أحمد رقم ٢١٠١٥.