استدلوا بما ذكره الغزالي في »إلجام العوام عن علم الكلام« أن ترجمة آيات الصفات الإلهية غير جائزة، واستدل لذلك بأن من الألفاظ العربية ما ليس لها فارسية تطابقها، ومنها ما لها فارسية تطابقها لكن ما جرت عادة الفرس باستعارتها للمعاني التي جرت العرب باستعارتها منها، ومنها ما يكون مشتركاً في العربية ولا يكون في العجمية كذلك" (١) وبين أن الخطأ في ذلك مدرجة للكفر.
أن لنظم القرآن وأسلوبه تأثيراً خاصاً في نفس السامع لا يمكن أن ينقل بالترجمة وإذا فات يفوت بفوته خير كثير طالما كان جاذباً للإسلام.
أن القرآن هو الآية الكبرى للرسول - ﷺ - بل هو الآية الباقية من آيات الأنبياء، وإنما يكون ذلك بالمحافظة عليه من التغيير والتبديل والتحريف والتصحيف بالنص الذي نقلناه عمن جاء به من عند الله، والترجمة ليست كذلك.
كما استدلوا بنصوص بعض الفقهاء (٢).
منها ما قاله المرغيناني الحنفي في »
التجنيس«: "ويمنع من كتابة القرآن بالفارسية بالإجماع لأنه يؤدي إلى الإخلال بحفظ القرآن؛ لأنا أمرنا بحفظ اللفظ والمعنى…". وقال قوام الدين الخجندي في معراج الدراية: "من تعمد قراءة القرآن أو كتابته بالفارسية فهو مجنون أو زنديق، والمجنون يداوى والزنديق يقتل".
قالوا: ومذهب الحنابلة أن الصلاة تفسد بالقراءة بالفارسية ونحوها عند العجز وعدمه، ومذهب المالكية أنه لا تجوز قراءة القرآن وكتابته بغير العربية. وقال الإمام الزركشي وهو من الشافعية: "تحرم قراءته بغير لغة العرب".
الترجيح:
عند التأمل نجد أن في أصحاب كل قول معتدلين ومغالين، وأنه لا خلاف بين المعتدلين من الفريقين، وإنما الخلاف الشديد بين المغالين من الفريقين.

(١) إلجام العوام عن علم الكلام: الغزالي، ص٧١.
(٢) تفسير المنار: محمد رشيد رضا، ٩/٣١٢-٣١٦.


الصفحة التالية
Icon