ولم يدل القرآن على وجوب الصلاة -أو جوازها- بترجمته، ولم يثبت في السنة ما يبيح الصلاة بالترجمة... فبقيت الصلاة على الأصل.
إذاً فالترجمة التي نراها للقرآن لا تصح بحال من الأحوال الصلاة بها ولا نتصور ضرورة تدعو لذلك ؛ فما يقرؤه المسلم في صلاته من القرآن لا يعدو ما هو فرض أو مستحب، والمفروض لا يتجاوز الفاتحة، والفاتحة يستطيع الأعجمي مهما بلغت عجمته أن يحفظها بين وقتين من أوقات الصلاة، وجاز له فيما أرى الجمع بين الوقتين إن أدركه الوقت( (١) قبل حفظه وما عداها من سور القرآن فإنه يحفظ منه على التراخي.
وبهذا ندرك أنه لا ضرورة مبيحة للصلاة بالترجمة الأعجمية للقرآن الكريم، ونبقى بهذا محافظين على قدسية القرآن الكريم وسلامة لغته وشرفها (٢).
مسمى الترجمة المعنوية:
ظهر لنا من المبحث السابق أن الخلاف بين المعتدلين في القول بترجمة معاني القرآن أو منعها خلاف لفظي أو صوري، فمنهم من يسميها ترجمة، ومنهم من يسميها تفسيراً.
والذين يسمونها الترجمة المعنوية لا يريدون بها ترجمة النص، إنما يريدون ترجمة المعنى، أي ترجمة التفسير.
وهناك فروق كبيرة بين الترجمة والتفسير منها (٣):
(٢) منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير: فهد الرومي، ١/٤٣٩-٤٤٠.
(٣) الفروق الأربعة الأولى من مناهل العرفان : الزرقاني، ٢/١٠-١٤ (بتصرف واختصار).