أن الترجمة صيغة مستقلة يراعى فيها الاستغناء عن الأصل وحلولها محله، والتفسير ليس كذلك فإنه قائم ومرتبط دائماً بأصله لا ينفك عنه بحيث لا يمكن تجريد التفسير وقطع وشائج اتصاله بأصله مطلقاً ولو جُرِّدَ لتفكك الكلام.
أن الترجمة لا يجوز فيها الاستطراد بل الالتزام بمعاني النص المباشرة، أما التفسير فيجوز، بل يحسن فيه الاستطراد؛ لأن الغرض منه توضيح عبارات النص وشرحها والشرح أطول من المتن.
أن الترجمة يجب أن تتضمن جميع معاني الأصل ومقاصده وأن تكون وافية بذلك، أما التفسير فإنه قائم على الإيضاح سواء أكان
مجملاً أم مفصلاً متناولاً المعاني والمقاصد كافة أو مقتصراً على بعضها دون بعض حسب غرض المفسر وحاجة المخاطبين.
وقد وضح الزرقاني - رحمه الله تعالى- هذا بمثال رجل عثر في مخلفات أبيه على صحيفتين مخطوطتين بلغة أجنبية فدفعهما إلى مترجم فأخبره بأن الصحيفة الأولى خطاب إلى أبيه من فقير يطلب مساعدته. وأما الثانية فوثيقة بدَين كبير لأبيه على أجنبي، فمزق الرجل خطاب الاستجداء ولم يحفل به، أما الوثيقة فطلب من المترجم أن يترجمها له ليقاضي بها غريمه.
وظهر بهذا المثال أن التفسير لم يكفه لاقتصاره على مضمون الوثيقة ومعناها العام. أما الترجمة فهي المطابقة للأصل المتضمنة لجميع معانيه.
أن قارئ الترجمة يعتقد أن جميع المعاني والمقاصد التي نقلها المترجم هي مدلول كلام الأصل وأنها مرادة لصاحب الأصل، والتفسير ليس كذلك بل يشعر قارئه بأن هذا هو فهم المفسر للنص وأنه قد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً.
أن الناس قد تعارفوا على نسبة الكلام المترجم بعد ترجمته إلى


الصفحة التالية
Icon