ويتضح الفرق بين القسمين حينما تضرب مثالاً للترجمة بهما على فرض إمكانهما في آية من القرآن الكريم وهي قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ
مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ [ الإسراء: ٢٩].
ففي الترجمة الحرفية تأتي بكلام من اللغة المترجم إليها يدل على النهي عن ربط اليد في العنق، وعن مدها غاية المد مع رعاية ترتيب الأصل وتنظيمه، بأن تأتي بأداة النهي أولاً، يليها الفعل المنهي عنه متصلاً بمفعوله ومضمراً فيه فاعله… الخ وهذا النوع من الترجمة يخرج في أسلوب غير معروف ولا مألوف في تفهيم المترجم لهم ما يرمي إليه الأصل من النهي عن التقتير والتبذير، بل قد يستنكر المترجم لهم هذا المعنى الذي فهموه.
وفي الترجمة التفسيرية يعمد المفسر بعد تفهم المعنى المراد في الأصل إلى التعبير عنه باللغة الأخرى بعبارة تدل على هذا النهي المراد في أسلوب يترك في نفس المترجم لهم أكبر الأثر في استبشاع التقتير والتبذير مع عدم التقيد بمراعاة نظم الأصل وترتيب ألفاظه (١).
ولا بد في الترجمة الحرفية من شرطين:
الأول: وجود مفردات في لغة الترجمة مساوية للمفردات في لغة الأصل، حتى يمكن للمترجم أن يحل كل مفرد من الترجمة محل نظيره من الأصل.
الثاني: تشابه اللغتين في الضمائر المستترة والروابط التي تربط الكلمات بعضها ببعض، وتطابُقٌ في مواقع أحوال الكلمات كالفاعل والمفعول به، والصفات ونحو ذلك(٢).
وبهذين الشرطين يكون من المتعذر -بل من المستحيل- ترجمة نص ترجمة حرفية فضلاً عن ترجمة القرآن الكريم ؛ لأن معناه الإتيان بمثل هذا القرآن بلغة أخرى.
حكم الترجمة الحرفية للقرآن الكريم:
(٢) مناهل العرفان: الزرقاني، ٢/٩ (بتصرف).