نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ١٧٤
الخمر فأخذت منا وحضرت الصلاة وقدموني فقرأت : قل يا أيها الكافرون [لا] «١» أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل اللّه هذه الآية «٢».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه : أن الذي صلى بهم عبد الرحمن. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد صنع لهم علي رضي اللّه عنه طعاما وشرابا، فأكلوا وشربوا ثم صلى بهم المغرب فقرأ : قل يا أيها الكافرون حتى ختمها فقال : ليس لي دين وليس لكم دين، فنزلت.
وهذا سبب نزول الآية وبه يندفع ما يخالف الصواب من هذه الأقوال.
حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ : هذا غاية النهي عن قربان الصلاة في حال السكر : أي حتى يزول عنكم أثر السكر وتعلموا ما تقولونه، فإن السكران لا يعلم ما يقوله. وقد تمسك بهذا من قال إن طلاق السكران لا يقع، لأنه إذا لم يعلم ما يقوله انتفى القصد، وبه قال عثمان بن عفان وابن عباس وطاووس وعطا و«٣» القاسم وربيعة وهو قول الليث بن سعد وإسحاق وأبي ثور والمزني، واختاره الطحاوي، وقال : أجمع العلماء على أن طلاق المعتوه لا يجوز، والسكران معتوه كالموسوس.
وأجازت طائفة وقوع طلاقه، وهو محكي عن عمر بن الخطاب ومعاوية وجماعة من التابعين وهو قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي.
واختلف قول الشافعي في ذلك.
وقال مالك : يلزمه الطلاق والقود في الجراح والقتل ولا يلزمه النكاح والبيع.
وَ لا جُنُباً : عطف على محل الجملة الحالية وهي قوله : وَأَنْتُمْ سُكارى.
والجنب لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع لأنه ملحق بالمصدر كالبعد والقرب. قال الفراء :
يقال : جنب الرجل وأجنب من الجنابة. وقيل : يجمع الجنب في لغة على أجناب مثل عنق وأعناق وطنب وأطناب.

(١) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٧٢].
(٢) [صحيح ] أخرجه عبد بن حميد في المنتخب ح [٨٢] والترمذي في الجامع [٥/ ٢٢٢] ح [٣٠٢٦] وأبو داود في السنن [٣/ ٣٢٤] ح [٣٦٧١] والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف [٧/ ٤٠٢] وابن جرير في التفسير [٤/ ٩٨] ح [٩٥٢٧] وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في فتح القدير [١/ ٤٧٢] والحاكم في المستدرك [٢/ ٣٠٧].
(٣) جاء في المطبوع [قال ] والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٦٨].


الصفحة التالية
Icon