نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ١٨١
حاضر موجود إذا كان استعماله يضرّه، فيكون اعتبار ذلك القيد في حقه إذا كان استعماله لا يضرّه، فإن في مجرّد المرض مع عدم الضرر باستعمال الماء ما يكون مظنته لعجزه عن الطلب، لأنه يلحقه بالمرض نوع ضعف.
وأما وجه التنصيص على المسافر فلا شك أن الضرب في الأرض مظنته لإعواز الماء وبعض البقاع دون بعض.
فَتَيَمَّمُوا : التيمم لغة : القصد «١»، ثم كثر استعمال هذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب.
وقال ابن الأنباري في قولهم : قد تيمم الرجل : معناه قد مسح التراب على وجهه.
وهذا خلط للمعنى اللغوي بالمعنى الشرعي! فإن العرب لا تعرف التيمم بمعنى [مسح ] «٢» الوجه واليدين، وإنما هو معنى شرعي فقط.
وظاهر الأمر الوجوب وهو مجمع على ذلك والأحاديث في هذا الباب كثيرة وتفاصيل التيمم وصفاته مبينة في السنة المطهرة، ومقالات أهل العلم مدونة في كتب الفقه.
صَعِيداً هو وجه الأرض سواء كان عليه تراب أو لم يكن، قاله الخليل وابن الأعرابي والزجاج.
قال الزجاج : لا أعلم فيه خلافا بين أهل اللغة. قال اللّه تعالى : وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) أي أرضا غليظة لا تنبت شيئا، وقال اللّه تعالى : فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠)، وإنما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض، وجمع الصعيد صعدات «٣».
وقد اختلف أهل العلم فيما يجزىء «٤» التيمم به، فقال مالك وأبو حنيفة والثوري والطبري : إنه يجزىء بوجه الأرض كله ترابا كان أو رملا أو حجارة، وحملوا قوله طَيِّباً قالوا : والطيب التراب الذي ينبت.
(٢) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع وهو مستدرك من فتح القدير [١/ ٤٧٠]. [.....]
(٣) جاء في المطبوع [صعدان ] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٧٢].
(٤) جاء في المطبوع [يجرى ] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٧٢].