نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٣٩
وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها : أي السّعاة الذين ينفقهم الإمام لتحصيل الزكاة فإنهم يستحقون منها قسطا.
واختلف في القدر الذي يأخذونه منها؟
فقيل : الثّمن، روي ذلك عن مجاهد والشافعي.
وقيل : على قدر أعمالهم من الأجرة، روي ذلك عن أبي حنيفة وأصحابه.
وقيل : يعطون من بيت المال قدر أجرتهم، روي ذلك عن مالك. ولا وجه لهذا، فإن اللّه تعالى قد أخبر بأن لهم نصيبا من الصدقة، فكيف يمنعون منها ويعطون من غيرها؟! واختلفوا هل يجوز أن يكون العامل هاشميا أم لا؟ فمنعه قوم وأجازه آخرون.
قالوا : ويعطى من غير الصدقة.
وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ : قوم كانوا في صدر الإسلام.
فقيل : هم الكفار الذين كان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يتألفهم ليسلموا، وكانوا لا يدخلون في الإسلام بالقهر والسيف بل بالعطاء.
وقيل : هم قوم أسلموا في الظاهر ولم يحسن إسلامهم، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يتألفهم بالعطاء.
وقيل : هم من أسلم من اليهود والنصارى، وقيل : هم قوم من عظماء المشركين، ولهم أتباع، فأعطاهم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليتألفوا أتباعهم على الإسلام، وأعطى النبي عليه السلام جماعة ممن أسلم ظاهرا، كأبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى : أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل يؤلفهم بذلك، وأعطى آخرين دونهم «١».
(١) حديث صحيح :«رواه مسلم (٧/ ١٥٥)، عن رافع بن خديج مرفوعا أنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أعطى أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصين، والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك...» الحديث.
«رواه البخاري (٥/ ٢٥١)، (٨/ ٥٥) ومسلم (٧/ ١٥٧)، عن ابن مسعود مرفوعا أنه أعطى يوم حنين الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وعيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة...» الحديث.