نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٤٠
و قد اختلف العلماء : هل سهم المؤلفة قلوبهم باق بعد ظهور الإسلام أم لا؟
فقال عمر والحسن والشعبي : قد انقطع هذا الصنف بعزة الإسلام وظهوره. وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأي. وقد ادعى بعض الحنفية أن الصحابة أجمعت على ذلك.
وقال جماعة من العلماء : سهمهم باق لأن الإمام ربما احتاج أن يتألف على الإسلام، وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين، وبه أفتى الماوردي في كتابه «الأحكام السلطانية» «١»، قال يونس : سألت الزهري عنهم؟ فقال : لا أعلم نسخ ذلك.
وعلى القول الأول يرجع سهمهم لسائر الأصناف.
وَ فِي الرِّقابِ : أي في فكها بأن يشتري رقابا ثم يعتقها، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر، وبه قال مالك وابن حنبل وإسحاق وأبو عبيد.
وقال الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير والنخعي والزهري وابن زيد : إنهم المكاتبون يعانون من الصدقة على مال الكتابة، وهو قول الشافعي «٢» وأصحاب الرأي «٣» ورواية عن مالك «٤». والأولى حمل ما في الآية على القولين جميعا، لصدق الرقاب على شراء العبد وإعتاقه، وعلى إعانة المكاتب على مال الكتابة.
وَ الْغارِمِينَ : هم الذين ركبتهم الديون ولا وفاء عندهم بها، ولا خلاف في ذلك إلا من لزمه دين في سفاهة فإنه لا يعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب. وقد أعان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الصدقة من تحمل حمالة وأرشد إلى إعانته منها «٥».
وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : هم الغزاة والمرابطون يعطون من الصدقة ما ينفقون في غزوهم ومرابطتهم، وإن كانوا أغنياء. وهذا قول أكثر العلماء. قال ابن عمر : هم
(٢) انظر : كفاية الأخيار (ص ١٩٢)، تهذيب الأحكام الشرعية في فقه الشافعية لشيخنا كمال العناني (٣٠٣).
(٣) انظر : الروضة الندية (١/ ٢٠٤)، ورحمة الأمة (ص ٨٥).
(٤) انظر : جامع ابن الحاجب (ص ١٦٥).
(٥) انظر : شرح العبادات للكلوذاني (ص ١٩٧)، وجامع ابن الحاجب (ص ١٦٥)، وكفاية الأخيار (ص ١٩٣)، الروضة الندية (١/ ٢٠٤).