نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٥٧
[الآية الثانية]
وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٩٤).
وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ : وهي أيمان البيعة.
قال الواحدي : قال المفسرون : وهذا في نهي الذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن نقض العهد على الإسلام ونصرة الدين، واستدلوا على هذا التخصيص بما في قوله :
فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها : من المبالغة، وبما في قوله :
وَ تَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٩٤) لأنهم إذا نقضوا العهد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم صدوا غيرهم عن الدخول في الإسلام، وعلى تسليم أن هذه الأيمان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، هي سبب نزول هذه الآية، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقال جماعة من المفسرين : إن هذا تكرير لما قبله لقصد التأكيد والتقرير، أعني قوله : وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها [النحل : ٩١] إلى قوله : تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل : ٩٢] الآية.
والمراد بالتوكيد التشديد والتغليظ والتوثيق، وليس المراد اختصاص النهي عن النقض بالإيمان المؤكدة، ولا يغيرها مما لا تأكيد فيه، فإن تحريم النقض يتناول الجميع، ولكن في نقض اليمين المؤكدة من الإثم فوق الإثم الذي في نقض ما لم يؤكد
وانظر فيما يتعلق بهذه الآية من أقوال أهل العلم والتفسير :«الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢/ ٢٨٠، ٢٨١)، والأحكام له (٣/ ١١٤١)، والنحاس (١٧٩)، وزاد المسير (١٠/ ٤٦٤)، والمصفّى (٢٠٨)، والقرطبي (١٠/ ١٢٨)، وابن البارزي (٢٩٦)، والبصائر (١/ ٢٨٠).