نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٣٧٠
و الضمير في (كان) من قوله : كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (٣٦) يرجع إلى كل، وكذا الضمير في عنه.
ومعنى سؤال هذه الجوارح : أنه يسأل صاحبها عما استعملها فيه لأنها آلات، والمستعمل هو الروح الإنساني، فإن استعملها في الخير استحق الثواب وإن استعملها في الشر استحق العقاب.
وقيل : إن اللّه سبحانه ينطق الأعضاء هذه عند سؤالها فتخبر عما فعله صاحبها.
[الآية الرابعة] وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا (٣٧).
وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً : المرح قيل : هو شدة الفرح.
وقيل : التكبر في المشي. وقيل : تجاوز الإنسان قدره. وقيل : الخيلاء في المشي. وقيل : البطر والأشر. وقيل : النشاط. والظاهر أن المراد به الخيلاء والفخر.
قال الزجاج في تفسير الآية : لا تمش في الأرض مختالا فخورا.
وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها، تأكيدا وتقريرا.
ولقد أحسن من قال :
و لا تمش فوق الأرض إلا تواضعا فكم تحتها قوم هم منك أرفع
و إن كنت في عزّ وحرز ومنعة فكم مات من قوم هم منك أمنع
و المرح مصدر وقع حالا، أي : ذا مرح. وفي وضع المصدر موضع الصفة نوع تأكيد. وقرأ الجمهور مرحا بفتح الراء. وحكى يعقوب عن جماعة كسرها، على أنه اسم فاعل «١».