نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٤١٩
سورة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
آياتها تسع وثلاثون، وقيل : ثمان وثلاثون آية
و تسمى سورة القتال، وسورة الذين كفروا.
وهي مدنيّة. قال الماوردي : في قول الجميع إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا : إلا آية نزلت منها بعد حجة الوداع حيث خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنا فنزل قوله تعالى : وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ [محمد : ١٣].
وقال الثعلبي : إنها مكية. وهو غلط من القول، فالسورة مدنيّة كما لا يخفى «١».
[الآية الأولى ]
فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤).
فَشُدُّوا الْوَثاقَ : بالفتح، وتجيء بالكسر، اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط.
والمعنى إذا بالغتم في قتلهم فأسروهم واحفظوهم بالوثاق.
فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً أي فإما أن تمنوا عليهم بعد الأسر منا أو تفدوا فداء.
والمن : الإطلاق بغير عوض.
والفداء : ما يفدي به الأسير نفسه من الأسر. ولم يذكر القتل هنا اكتفاء بما تقدم، وإنما قدم المن على الفداء لأنه من مكارم الأخلاق، ولهذا كانت العرب تفتخر به :