نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٦١
العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم يقفون عند الجمرة فيذكرون مفاخر آبائهم، ومناقب أسلافهم، فأمرهم اللّه بذكره مكان ذلك الذكر، وبأن يجعلوه ذكرا مثل ذكرهم لآبائهم أو أشد ذكرا : أي من ذكرهم لآبائهم، لأنه هو المنعم الحقيقي عليهم وعلى آبائهم.
[الآية السابعة والعشرون ]
وَ اذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣).
قال القرطبي : لا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام منى وهي أيام التشريق وهي أيام رمي الجمار «١».
وقال الثعلبي : قال إبراهيم : الأيام المعدودات : أيام العشر، والأيام المعلومات :
أيام النحر، وكذا روي عن مكي.
قال القرطبي : ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع على ما نقله أبو عمرو بن عبد البر وغيره «٢».
وروى الضحاك عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام النحر، قال : لقوله تعالى : وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ [الحج : ٢٨] وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة : يوم الأضحى، ويومان بعده.
قال الطبري : فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف.
وروي عن مالك أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام : يوم النحر وثلاثة أيام بعده. فيوم النحر معلوم غير معدود، واليومان بعده معلومان معدودان، واليوم الرابع معدود لا معلوم وهو مرويّ عن ابن عمر.
(٢) تفسير القرطبي [٣/ ١].