نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٦٦
[الآية الحادية والثلاثون ]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩).
السائلون هم المؤمنون.
والخمر : ماء العنب الذي غلى واشتد وقذف بالزبد، وما خامر العقل من غيره فهو في حكمه، كما ذهب إليه الجمهور.
وقال أبو حنيفة والثوري وابن أبي ليلى وابن شبرمة وجماعة من فقهاء الكوفة : ما أسكر كثيرة من غير خمر العنب فهو حلال : أي ما دون المسكر منه.
وذهب أبو حنيفة إلى حل ما ذهب ثلثاه بالطبخ، والخلاف في ذلك مشهور.
وقد أطلت الكلام على الخمر في شرحي ل «بلوغ المرام» وأطال الكلام فيه أيضا الشوكاني في «شرحه للمنتقى» «١» وكذا السيد العلامة محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير في «سبل السلام» «٢».
والمراد بالميسر في الآية : قمار العرب بالأزلام.
قال جماعة من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم : كل شيء فيه قمار أو نرد أو شطرنج أو غيرهما فهو الميسر، حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب إلا ما أبيح من الرهان في الخيل والقرعة في إفراز الحقوق.
وقال مالك : الميسر ميسران :[ميسر] «٣» اللهو، وميسر القمار. فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها، وميسر القمار : ما يتخاطر الناس عليه وكل ما قومر به فهو ميسر.
قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ : يعني في الخمر والميسر. فإثم الخمر : أي إثم تعاطيها

(١) نيل الأوطار شرح منتقى الاخبار [٩/ ٥٢ - ٧٩].
(٢) سبل السلام [٤/ ٦٥ - ٧١].
(٣) ما بين المعكوفين من فتح القدير [١/ ٢٢٠].


الصفحة التالية
Icon