نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٧٧
[الآية السابعة والثلاثون ] لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥).
اللّغو : مصدر لغا يلغو لغوا، ولغى يلغو لغيا : إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام أو بما لا خير فيه، وهو الساقط الذي لا يعتدّ به. فاللغو من اليمين هو الساقط الذي لا يعتدّ به فمعنى الآية لا يعاقبكم اللّه بالساقط من أيمانكم ولكن يعاقبكم بما كسبت قلوبكم : أي اقترفته بالقصد إليه وهي اليمين المعقودة، مثله قوله تعالى : وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ [المائدة : ٨٩]. ومثله قول الشاعر :
و لست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم
و قد اختلف أهل العلم في تفسير اللغو : فذهب ابن عباس وعائشة وجمهور العلماء إلى أنها قول الرجل : لا واللّه وبلى واللّه في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين ولا مريدا لها.
قال المروزي : هذا معنى لغو اليمين الذي اتفق عليه عامة العلماء.
وقال أبو هريرة وجماعة من السلف : هو أن يحلف الرجل على الشيء لا يظن إلا أنه أتاه فإذا ليس هو ما ظنه. وإلى هذا ذهبت الحنفية وبه قال مالك في «الموطأ».
وروي عن ابن عباس أنه قال : لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وبه قال طاووس ومكحول، وروي عن مالك.
وقيل : إن اللغو [هو] «١» يمين المعصية. قال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد اللّه بن الزبير وأخوه عروة : كالذي يقسم ليشر بن الخمر أو ليقطعن الرحم.
وقيل : لغو اليمين هو دعاء الرجل على نفسه كأن يقول : أعمى اللّه بصره أذهب اللّه ماله هو يهودي، هو مشرك. قاله زيد بن أسلم.
وقال مجاهد : لغو اليمين أن يتبايع الرجلان فيقول أحدهما واللّه لأبيعك بكذا ويقول الآخر واللّه لأشتريه بكذا.