نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، ص : ٧٩
تربص بها ريب المنون لعلّها تطلّق يوما أو يموت حليلها «١»
وقت اللّه سبحانه بهذه المدة دفعا للضرار عن الزوجة، وقد كان أهل الجاهلية يؤلون السنة والسنتين وأكثر من ذلك يقصدون بذلك ضرار النساء، وقد قيل : إن الأربعة الأشهر هي التي لا تطيق المرأة الصبر عن زوجها زيادة عليها.
فَإِنْ فاؤُ أي رجعوا، ومنه حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات : ٩] أي ترجع.
ومنه قيل للظل بعد الزوال : فيء لأنه رجع عن جانب المشرق إلى المغرب.
قال ابن المنذر : وأجمع كل من يحفظ عنه العلم أن الفيء الجماع لمن لا عذر له، فإن كان له عذر مرض أو سجن فهي امرأته، فإذا زال العذر فأبى الوطء فرّق بينهما إن كانت المدة قد انقضت. قاله مالك.
وقالت طائفة : إذا شهد على فيئه بقلبه في حال العذر أجزأه. وبه قال الحسن وعكرمة والنخعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل.
وقد أوجب الجمهور على المولي إذا فاء بجماع امرأته الكفارة، وقال الحسن والنخعي لا كفارة عليه.
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ للزوج إذا تاب من إضراره امرأته. رَحِيمٌ (٢٢٦) بكل التائبين.
وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ العزم : العقد على الشيء فمعنى عزموا الطلاق عقدوا عليه قلوبهم.
والطلاق : حلّ عقد النكاح، وفي ذلك دليل على أنها لا تطلق بمضيّ أربعة أشهر - كما قال مالك - ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة، وأيضا فإنه قال فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) والسماع يقتضي مسموعا بعد المضيّ. وقال أبو حنيفة سميع لإيلائه عليم بعزمه الذي دل مضيّ أربعة أشهر.
قال الشوكاني في «فتح القدير» «٢» واعلم أن أهل كل مذهب قد فسروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم وتكلفوا بما لم يدل عليه اللفظ، ولا دليل آخر ومعناها ظاهر واضح وهو أن اللّه جعل الأجل لمن يولي : أي يحلف من امرأته أربعة أشهر ثم قال مخبرا
(٢) فتح القدير [١/ ٢٣٣].