حقاً إن هذا الموقف من المعلم المسلم من خلال فهمه لطبيعة المتعلم والفروق الفردية بين المتعلمين، ومراعاة حالاتهم النفسية، كل ذلك يشير إلى الاتفاق في الأفكار بين مربينا المسلمين والمربين الحديثين في هذا المجال، مع الإشارة إلى عدم التناسب في إعطاء المعلومات للمتعلم بشكل لا يوافق مع طبيعته يؤدي إلى إرباكه عقلياً وبالتالي إخفاقه في دراسته، ثم إن عدم التناسب هذا يؤدي أيضاً إلى كره التلميذ للمؤسسة التعليمية وبالتالي القائمين عليها مما يتسبب في هروبه من المدرسة ومن ثم يكون الإخفاق والتسرب والهدر التربوي، كذلك يحضرنا ذلك الرأي السليم الذي ينصح بعد إعطاء المتعلم العلم جزافاً لغير أهله، فإن ذلك الأمر قد ينجم عنه أضراراً كبيرة، فقد يصاب المتعلم بالزهو والغرور، خصوصاً إذا كان من غير الأكفاء.
أما دراية المعلم بالحالة النفسية للمتعلم فهي"كفيلة بأن تعينه على اختيار الطريقة التي ينبغي أن يعامل بها المتعلم، سواء كان ذلك أثناء تعليمه، أو تهذيبه وإرشاده، وسواء كان المتعلم صغير السن أو مراهقاً، وقد تبين إن عدم دراسة المتعلم لنفسية المتعلم قد تتسبب عنها أضرار بليغة، إن هذه الآراء تتجاوب تجاوباً تاماً مع الرأي السائد الآن القائل بأن دراسة علم النفس من أول متطلبات إعداد المعلم إعداداً صحيحاً فلا يمكن أن يؤدي المعلم عمله تأدية صحيحة إلا إذا كان على دراية تامة بالنظريات النفسية التي أثناء النمو، وما إلى ذلك من معلومات توجهه في طريق التدريس"((١)).
الفصل الثالث: آثار تعليم القرآن الكريم على الفرد

(١) - فتحية سليمان: بحث في المذهب التربوي عند الغزالي، ط١٩٩٨م، دار صادر، بيروت. ،ص٦٤.


الصفحة التالية
Icon