…مهنة التعليم لا تساويها مهنة في الفضل والرفعة، ووظيفة المعلم من أشرف الوظائف وأعلاها، وكلما كانت المادة العلمية أشرف وأنفع، ارتفع صاحبها شرف ورفعة، وأشرف العلوم على الإطلاق: العلوم الشرعية، ثم العلوم الأخرى، ومهمة المعلم لا يقتصر على طرح المادة العلمية على طلابه فقط، بل هي مهم عسيرة، ولكنها يسيرة على من يسرها الله عليه، فهي تتطلب من المعلم صبراً وأمانة ونصاً، ورعاية لمن تحته، وبخاصة إذا كان المعلم هو معلم القرآن الكريم، الذي يتعيّن عليه تقديم الخير لأمته، ويُسهم في بناء الفرد والمجتمع نفسياً، وروحياً، واجتماعياً، وعلمياً، وخلقياً واقتصادياً، وأمنياً، و.... فهو مؤهل لإحداث مثل هذه الآثار، ولذلك استحق رحمة من الله والثناء من كل المخلوقات، في قوله- ﷺ -:((إن الله وملائكته، وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليُصلون على معلم الناس الخير))((١))، وقوله:((خيركم من تعلم القرآن وعلّمه))((٢)).
أحاول في هذا المبحث إبراز أهم آثار معلم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع، وذلك على النحو الآتي:-
( أ )-البناء الروحي أو العقدي
…العقيدة أساس التربية من منظور الإسلام، والتربية"تنمية الإنسان الصالح على طريق التعرف على الله سبحانه، والاتصال به، والقرب منه"((٣))، وما ينبغي أن يحدث من أثر على الفرد، وبنائه روحياً وعقدياً، وغرس الإيمان في نفسه بالله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم الكليات والجزئيات، ويرغب عبده، بل يأمره بطلب العلم وتحصيله، ونفي الجهل عن نفسه، وذلك بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ((٤)).
(٢) - السيوطي: المرجع نفسه، ج١، ص١٢٧.
(٣) - محمد شديد: قيم الحياة في القرآن الكريم، ط١٩٩٣م، مطبعة دارالعلم، دمشق، ص٦٧.
(٤) - سورة: النحل، آية[٤٣].