(ثانياً): وحيث أن رسالة التربية هي الأفراد الإنسانيون، فإن التربية الإسلامية تعمل على تكوين إفراد إنسانين أسوياء واثقين من الله ومن أنفسهم، ولا يخافون إلا من الله، وبالتالي فيتحقق النضج الانفعالي والاتزان العاطفي، حيث التحرر من الخوف، والتفاؤل والأمل من الله، ومن ثم يتحررون من العقد والانحرافات((١))، التي تدون إنتاجيتهم، وذلك عن طريق تدريبهم على التخلص من الغلق، وذلك بالاعتماد على الله في كل شيء، والرضا بقضائه وعلى أن الإنسان في معية الله دائماً، حيث أن مصدر الغلق في الحياة، هو الدنيا بما فيها من مال وبنين، ومنصب وجاه، وتهديد للنفس والمال، وما إلى ذلك((٢))، قال تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ ((٣)).
(ثالثاً): وإذا كان القرآن يتعامل مع النفس على أساس المثير والاستجابة، وليس على أساس رد الفعل المنعكس، أي على أساس وأن الفكر نشاط إيجابي فعّال للنفس((٤))، فالتربية تتعامل مع الأفراد على هذا الأساس، بحيث تقدم المثيرات المختلفة، ثم تدرب الإنسان المسلم على تعلقها والاستجابة لهذه المواقف((٥)).
كما تأخذ في اعتبارها الفروق الفردية بين الأفراد، إذ منهم من يستثار بالحس، ومن يستثار بالمعنى، وهذا نلاحظه كثيراً في الترغيب والترهيب، ومن ثم تعمل التربية القرآنية على تدريب الإنسان على خبط استجاباته، بحيث لا تصور إلا عن فكرة وروية.

(١) - إبراهيم عصمت مطاوع: المدرسة الشاملة، المقولة الخامسة: التربية المعاصرة، مرجع سابق.
(٢) - عبد الغني عبود: في التربية الإسلامية، دار الفكر العربي، ١٩٧٧م، ص٦٨.
(٣) - سورة: الكهف، آية[٤٦].
(٤) - محمد باقر الصدر: فلسفتنا، مرجع سابق، ص٣٦٨.
(٥) - انظر قصة يوسف مع امرأة العزيز.


الصفحة التالية
Icon