إذا كان أي مجتمع من المجتمعات، له شكله الخاص به والمميز، فإنه في سبيل استمرار حياته، يحاول من خلال المعلمين أو المربين تشكيل الأفراد على أساس هذا الشكل، والثقافة المميزة التي ينبع منها، وأداته في ذلك هي التربية، إذ إن رسالتها تنصب على الأفراد، بحيث تجعلهم اجتماعيين بمعنى أنها تعد الأفراد للقيام بوظائفهم في المجتمع، حتى يتمتع أبناؤه بقدر من ثقافة هذا المجتمع، الذي ينتمون إليه، وذلك ضماناً لاستمرار بقاء المجتمع الذي ينتمون إليه، وبقاء ثقافته والارتقاء به، وهي في نفس الوقت، تعمل على إحداث التغيير، وتطوير ثقافة المجتمع لتصل إلى الأفضل، ومعلم القرآن الكريم من الكفاءات المهمة التي يمتلكها المجتمع الإسلامي القادرة على إحداث التغيير في تلاميذه الذي يحافظ على نظام المجتمع.
وعليه يمكن القول: أن معلم القرآن الكريم مطالباً ببناء تلاميذه بناءاً اجتماعياً سليماً على ما يلي:-
…١)- يعمل على تنشئة الأفراد اجتماعياً، وتكوينهم تكويناً صالحاً، في سبيل تنمية شخصية الإنسان العابد وذلك عن طريق تنمية صفاته الفردية، بحيث يعرف حقوقه وواجباته، بحيث لا يطغى بفرديته على المجتمع، ولا يطغى المجتمع عليه، وهي ذلك لا تصب الأفراد في قوالب جامدة، ثابتة أو محددة، بل إنها تتيح لكل فرد الفرصة أن ينمو طبقاً لقدراته الفردية، وهي في ذلك لا تواجه واقعاً أياً كان، لتقره أو تبحث عنه، عن سند أو حكم أو برهان، تعلقه عليه كاللافتة المستعارة، وإنما هي تواجه المجتمع والواقع، لتزنه بميزان القرآن، فتقر منه ما يوافق هذا الميزان، وتلغى منه ما لا يوافقه، وتنشئ واقعاً غيره، طبقاً لقواعد القرآن، وواقعها حينئذٍ هو الواقع.


الصفحة التالية
Icon