…يدرك المربون أن غزارة المادة العلمية أحد عناصر الكفاية الخاصة للمعلم، وتظهر أهمية ذلك من خلال ميل المتعلمين وحبهم وإقبالهم وإعجابهم على معلمهم لما يجدونه عنه من حسن تصرف في أطراف البحث وغزارة في المادة التي يدرسها، وعليه إذا كنا كمعلمين نرغب بأن نوصف بالنجاح فعلينا أن نملأ عقولنا من الموضوع الذي نعلمه، وهذه قاعدة أساسية من قواعد التعليم.
ولكي يكون المعلم متمتعاً بالأهلية للتدريس عليه أن يأخذ العلم ويكتسب حسن الأخلاق والآداب، ممن"كملت أهليته وتحققت شفقته وظهرت مروءته وعرفت عفته واشتهرت صيانته، وكان أحسن تعليماً وأجود تفهيماً ولا يرغب الطالب في زيادة العلم مع نقص في ورعٍ أو دين أو عدم خلق"((١))وممارسة العملية التعليمية تتطلب من المعلم أن يكون "عارفاً بتلك الفنون، وإلا فلا يتعرض لها، بل يقتصر على ما يتقنه"((٢))ويكون له مع"مشايخ عصره صلة وثيقة تقوم على كثرة بحث وطول اجتماع وزيادة ممارسة وثناء منهم على سمعته وخلقه وبحثه"((٣))والمعلم الذي لا ينمو في مهنته باستمرار يصدأ، لذلك فإن عليه"أن لا يستنكف من التعلم والاستفادة ممن هو دونه في منصب أو سن أو نسب، أو شهرة أو دين أو في علم، بل يحرص على الفائدة ممن كانت عنده، فقد كان كثير من السلف يستفيدون من تلاميذهم ما ليس عندهم"((٤))وإذا أراد المعلم أن يحقق ذاته، ويحترم من تلاميذه فإن عليه"أن يطالب نفسه في كل يوم باستفادة علم جديد ويحاسبها على ما حصله"((٥))"ويجتهد في ملازمة الاشتغال بالعلم هي مطلوبه ورأس ماله، فلا يشتغل بغيره

(١) - ابن جماعة: المرجع نفسه ص٨٥.
(٢) - ابن جماعة: المرجع نفسه، ص٥٨.
(٣) - زين علي بن أحمد العاملي: منية المريد في آداب المفيد والمستفيد، تحقيق/الحسيني، ط د. ت، دار الكتاب الإسلامية، بيروت، ص١١٠.
(٤) - عبد الباسط العلموي: المفيد في آداب المفيد والمستفيد، تحقيق/أحمد عبيد، ط١٣٤٩هـ، المكتبة العربية، دمشق، ص٤٢.
(٥) - ابن جماعة: تذكرة السامع، مرجع سابق، ص١٢٠.


الصفحة التالية
Icon