من يذهب يبحث عن الأثر الإيماني للقرآن الكريم في أصحاب النبي - ﷺ - ورضي الله عنهم سيغترف من بحر الأخبار التي وردت عنهم، كيف لا وقد أمرهم الله بالمسارعة والمسابقة للخيرات، وأمرهم الله بالاستجابة له سبحانه ولرسوله - ﷺ - فقال تعالى: ( يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) (١).
وقد استجاب المؤمنون لله ورسوله عليه الصلاة والسلام استجابة منقطعة النضير، حتى أصبحوا يقدمون هذه الاستجابة على كل موروثاتهم العقدية والاجتماعية، فالاستسلام لله والإيمان به وبكل ما جاء عنه استنشقوه مع الهواء، وجرى في عروقهم مع الدماء، حتى صارت سكناتهم وحركاتهم وتوجهاتهم لله الواحد الأحد، فمحبوب الله محبوبهم، وما لا يرضي الله ورسوله يكرهونه ولا يرضونه، فالأمر أمره، وما نهى عنه لا يقربونه، ويمكنني أن أضرب بعض الأمثلة على ذلك:
أولا : في الخمر.
حيث كانوا ـ مع معرفتهم بكثرة مضارها ـ يحبونها حبا جما ويذكرونها في أشعارهم، ويتفاخرون ـ بجيدها وباقتنائها وبشربها ـ في أحاديثهم نثرا وشعرا، فلا تكاد تخلوا قصيدة جميلة من ذكر الخمر.

(١) سورة الأنفال الآية رقم ( ٢٤ ).


الصفحة التالية
Icon