ومع كل هذه العناية ـ بشأن الوالدين ـ فإن هذه العناية والاهتمام بالوالدين حتى ولو كانا كافرين لم تصد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن يتخذ الحزم مع أمه حين أرادت أن تصده عن الإسلام، قال سعد رضي الله عنه ـ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ـ: نزلت هذه الآية ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )(١)، كنت رجلا برا بأمي فلما أسلمت قالت: يا سعد! وما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: يا أمه لا تفعلي فاني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثتْ يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوما آخر وليلة ـ وقد اشتد جهدها ـ فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت )(٢).
ثالثا: في الإنفاق:
كان الناس في الجاهلية غالبا ما يعدوا بعضهم على بعض ويتكسبون بالغزو والقتل، ويأكلون أموال الناس بالباطل، فلما نزل القرآن الكريم هذب تلك النفوس وحبب إليها العفو والإنفاق.

(١) سورة لقمان الآية رقم ( ١٥ ).
(٢) قصة أم سعد مع سعد رضي الله عنه رواها مختصرة مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، برقم ( ١٧٤٨ ). انظر صحيح مسلم ( ٤/ ١٨٧٧ ).


الصفحة التالية
Icon