تقدمت الإشارة إلى أن الله سبحانه قد هيأ الأمور لحفظ كتابه كما أخبر، فقال تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )(١).
وقد ألهم الله الذين يريدون للأمة الخير والعزة والرفعة ـ التي فقدوها في العصور المتأخرة بفعل البعد عن هذا الكتاب العزيز، وبفعل المستعمر الكافر الذي بذل الغالي والنفيس ليبعد الأمة عن القرآن الكريم ـ ألهمهم الله الدعوة للعودة إلى منبع الدين وأساسه وهو الكتاب العزيز، فأسسوا الحلقات لتحفيظ القرآن الكريم في أرجاء العالم الإسلامي، ولما كانت مكة المكرمة منبع الرسالة ومهبط الوحي الأول كان حظها الأوفر في البدء بهذه الحلقات التي انتشرت بعد ذلك في مدن الحجاز ـ وبخاصة المدينة النبوي ـ وبعد ذلك انتشرت هذه الحلقات المباركة في أرجاء البلاد بل في جميع المعمورة.
وقد اتخذت هذه العناية أشكالا عدة، يمكنني اختصارها في النقاط الآتية:
١ـ تنظيم العمل لهذه الحلقات وإنشاء الجمعيات المنضوية تحت المؤسسات العلمية، وأخص بالذكر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي كانت أول مؤسسة تعليمية تشرف على جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة.
٢ـ تبني الحكومات لهذه الحلقات والعناية بها، وتخصيص بعض المال للمساعدة في زيادة إمكانيات إقامة هذه الحلقات، ولم تأت هذه العناية من فراغ فقد أثبتت الجمعيات وحلقاتها الريادة في قيادة الناس إلى التزام الدين وأخلاقه في جميع الجوانب كما حثت على ذلك آيات القرآن الكريم، متمشين في ذلك مع قول الحق تبارك وتعالى في نبيه عليه الصلاة والسلام: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )(٢).
(٢) سورة القلم الآية رقم ( ٤ ).