والأدلة في كتاب الله تعالى على هذا التعريف كثيرة منها قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) (١).
ولا شك أن الله وضع في القرآن الكريم ـ وهو خاتم الكتب ـ كل ما فيه صلاح الناس وإصلاحهم، وبين فيه كل ما يجب عليهم تجنبه والبعد عنه، قال تعالى: ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (٢)، وقال تعالى :( ما فرطنا في الكتاب من شيء )(٣)، والآيات في هذا الباب كثيرة.
وقد حمل الله نبيه - ﷺ - الحِفَاظَ على هذا الكتاب ـ وجعل عزه فيه ـ وأدخل في هذا التحميل ـ وهذه العزة أيضا ـ الذين نزل فيهم القرآن الكريم وهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ثم التابعين لهم ومن تبعهم على مر العصور، فقال عز وجل: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )(٤)، فحث النبي - ﷺ - أمته على حفظ القرآن الكريم وفهمه والعمل به.
وقد اهتم الصحابة رضي الله عنهم كل الاهتمام، فكان من أعظم ما اتفقوا عليه بعد وفاة النبي - ﷺ - جمع القرآن الكريم، فكان الجمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ثم الجمع في عهد عثمان رضي الله عنه، وتميز الجمعان بالمبالغة في التوثيق حتى كان من شرط الجمع أن يتفق المكتوب مع المحفوظ، فيتفق ما في الصدور مع ما في السطور.
(٢) سورة ص الآية رقم ( ٢٩ ).
(٣) سورة الأنعام الآية رقم ( ٣٨ ).
(٤) سورة الزخرف الآيتان رقم ( ٤٣، ٤٤ ).