ثم لم تزل الأمة مهتمة بهذا الكتاب العزيز جيلا بعد جيل ممتثلة أوامره مجتنبة نواهيه محكمين له في دقيق أمورهم وجليلها، وينوب ـ في تفسيره ـ علماء الأمة مكان النبي - ﷺ - حيث علَّم العلماء من أتباعه كيفية بيان الكتاب العزيز، بل إن كثيرين منهم حضروا نزول الآيات وشاهدوا مواقع العبر والبينات، وقد علم الصحابة الكرام رضي الله عنهم من بعدهم حفظ القرآن الكريم، وكيفية الحفظ، وأحسن طرق الحفظ والمراجعة وكيف يكون العمل به، واجتهدوا في القيام بذلك وسعهم وفوق وسعهم.
ثم كان في العصر الحاضر الجمع العظيم، وهو الجمع الصوتي للقرآن الكريم، وإنشاء المطابع الخاصة بطباعة المصحف الشريف مثل مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
وما هذه الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم إلا مثالا حيا على عناية الأمة بالقرآن الكريم، الذي تكفل الله بحفظه وهيأ الأمور الميسرة لهذا الحفظ.
المبحث الثاني: ( الإيمان ) في القرآن الكريم.
المطلب الأول: معنى الإيمان.
وقال العلماء في تعريف الإيمان لغة: التصديق (١).
والإيمان اصطلاحا: قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح (٢).
وقد عرفه النبي - ﷺ - في حديث جبريل عليه السلام بأنه أعمال الإسلام الباطنة وذلك في حديث جبريل عليه السلام المشهور: قال : فأخبرني عن الإيمان؟ فقال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت (٣).
(٢) انظر شرح اعتقاد أهل السنة لهبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي ( ٤/ ٨٤٩ )، والفصل في الملل والنحل لعلي بن محمد بن حزم ( ٣/ ١٧٠ ).
(٣) أخرجه مسلم كتاب الإيمان برقم (١). انظر صحيح مسلم ( ١/٣٦-٣٨ ).