أنّ المن: أن يذكرها المتصدق، ويتحدث بها، أو يستخدمه بالعطاء، أو يتكبر عليه لأجل إعطائه.
والأذى: أن يظهرها، أو يعيره بالفقر، أو ينتهره، أو يوبخه بالمسألة. (١)
وقد وردت الأحاديث بالنهي عن المنّ في الصدقة، وعاقبة ذلك، ففي صحيح مسلم بسنده عن أبي ذر قال قال رسول الله - ﷺ - :(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) (٢)
ولهذا قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) (٣) فأخبر أنّ الصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى فما يفي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى. ثم قال تعالى (كالذي ينفق ماله رئاء الناس) أي: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس، فأظهر لهم أنه يريد وجه الله وإنما قصدُه مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس أو يقال: إنه كريم ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى، وابتغاء مرضاته، وجزيل ثوابه، ولهذا قال (ولا يؤمن بالله واليوم الآخر) ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه قال الضحاك: والذي يتبع نفقته منًا أو أذى فقال (فمثله كمثل صفوان) وهو الصخر الأملس (عليه تراب فأصابه وابل) وهو المطر الشديد (فتركه صلدًا) أي: فترك الوابل ذلك الصفوان صلدا أي: أملس يابسا أي: لا شيء عليه من ذلك التراب بل قد ذهب كله. أي: وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله، وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب ولهذا قال (لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين)
(٢) ٤- مسلم، الصحيح رقم ١٠٦
(٣) ٥- سورة البقرة ٢٦٤