والأصل أن يرى المتصدقُ الفقيرَ محسنًا إليه، بقبول حق الله عز وجل منه، الذي هو طهرته ونجاته من النار، وأنه لو لم يقبلها لبقي مرتهنًا به، وأن يستصغر الصدقة، وقد قيل: لا يتم المعروف إلا بثلاث تصغيره وتعجيله وستره.
المبحث الثاني
الأثر التربوي والأخلاقي في الآيات المتعلقة بالمعاملات
- تطلق المعاملات على الأحكام الشرعية المتعلقة بأمر الدنيا باعتبار بقاء الشخص كالبيع والشراء والإجارة ونحوها (١)
والقرآن الكريم قد ربّى أتباعه على حسن المعاملة مع الآخرين، فيفي بما أبرم من عقود، مجتنبًا الغش والتدليس، متحليًا بالرفق والإحسان للخلق، ومن النماذج القرآنية الجليلة على ذلك:
مراعاة خلق نَظِرة المعسر في دَينه أو وضعه عنه
قال تعالى :(وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون * وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) (٢)
جمعت هذه الآية في سياقها أمرين: التوبة من أكل الربا وذلك بأخذ رأس المال فحسب، وردّ الدَّين لأربابه.
وقد ورد في سبب نزولها :"أن ثقيفًا لمّا طلبوا أموالهم التي لهم على بني المغيرة شكوا العسرة وقالوا: ليس لنا شيء، وطلبوا الأجل إلى وقت ثمارهم، فنزلت هذه الآية (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة)
ـ وبادئ ذي بدء نقرر: أنّ التشريع يتدرج في التعامل مع الغرماء فقد يكون الغريم مماطلاً، فجاءت الآية لتثبت "حق المطالبة لصاحب الدين على المدين، وجواز أخذ ماله بغير رضاه، ويدل على أنّ الغريم متى امتنع من أداء الدَين مع الإمكان كان ظالمًا فإن الله تعالى يقول (فلكم رءوس أموالكم) فجعل له المطالبة برأس ماله، فإذا كان له حق المطالبة فعلى من عليه الدين لا محالة وجوب قضائه" (٣)
وما حكم من كثرت ديونه وطلب غرماؤه مالهم ؟
(٢) ٢- سورة البقرة ٢٧٩، ٢٨٠
(٣) ٣- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٣٧٣ بتصرف