وروى مسلم بسنده عن حذيفة: أتى الله بعبد من عباده، آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عملت في الدنيا ؟ ـ قال: ولا يكتمون الله حديثا ـ قال: يا رب آتيتني مالك، فكنت أبايع الناس، وكان من خُلقي الجواز، فكنت أتيسر على الموسر، وأنظر المعسر. فقال الله: أنا أحق بذا منك، تجاوزوا عن عبدي. فقال عقبة بن عامر الجهني وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله - ﷺ - (١)
ومن التطبيق العملي لهذه الآية ما رواه أبو قتادة: أنه طلب غريمًا له فتوارى عنه، ثم وجده فقال: إني معسر، فقال: آلله ؟ قال: ألله، قال: فإني سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه" (٢)
وفي حديث أبي اليسر أنه سمع رسول الله - ﷺ - يقول :"من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله" (٣)
قال القرطبي: وحديث أبي قتادة يدل على أنّ ربَّ الدَين إذا علم عسرة غريمه أو ظنها، حرمت عليه مباحثته، وإن لم تثبت عسرته عند الحاكم، و(إنظار المعسر) تأخيره إلى أن يوسر و(الوضع عنه) إسقاط الدين عن ذمته، وقد جمع المعنيين أبو اليسر لغريمه حيث محا عنه الصحيفة وقال له: إن وجدت قضاء فاقض، وإلا فأنت في حل. (٤)
المبحث الثالث
الأثر التربوي والأخلاقي في الآيات المتعلقة بأحكام الأسرة
- ليس هناك أجمل من أن ينظر الناشئ في رحاب القرآن حافظًا ومتعلمًا فيرى في أسرته ـ أبيه وأمه ـ بعض السمو الأخلاقي الذي يتطلع إليه، فيتشبع بمشاعر الإعجاب والاحترام نحو من يقومون بتربيته.
المعاشرة بالمعروف
(٢) ٢- الإمام مسلم، الصحيح كتاب: المساقاة باب: فضل إنظار المعسر ٣/١١٩٦ رقم١٥٦٣
(٣) ٣- السابق ك: الزهد والرقائق ب: حديث جابر وقصة أبي اليسر ٤/٢٣٠٢ رقم ٣٠٠٦
(٤) ٤- القرطبي ٣/٣٧٥