تكررت كلمة المعروف ـ في جانب الأسرة ـ بمعناها السامي في أجلى عبارة، وأحلى بيان يعجز اللغويين وأصحاب المعاجم عن أن يحيطوا بعبارة تفسره، ولا يقوم بتفسيره الحقيقي إلا تطبيقه العملي، ولا جدال في أنّ هذا التكرار يترك أثرًا تربويًا وأخلاقيًا يتحلى به مطبق القرآن عملاً وسلوكًا عن غيره من العباد.
قال تعالى(وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا) (١)
وقال تعالى: (وأتمروا بينكم بِمَعْرُوفٍ) (٢)
وقال تعالى: (فإمساك بِمَعْرُوفٍ) (٣)
وقال تعالى: (فأمسكوهن بمعروف) (٤)
وقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عليهن درجة) (٥)
وكل آية منها تمثل درّة في آيات الأحكام التي نظمت حياة الأسرة بأن تكون بالمعروف، وجميعها من سور مدنية، ثلاث منها في سورة البقرة، وثنتان في النساء، وواحدة في الطلاق.
والمعروف: اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه، من المحسنات والمقبحات.
والمعروف في إمساك الزوجة المراد به: الصحبة الطيبة، وحسن العشرة، والنصفة فيما للزوجة على زوجها، والمعروف في المفارقة: أداء المهر والتمتيع والوفاء بالشروط والحقوق الواجبة عليه.(٦)
(ولهن) أي للزوجات من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن.
التطبيق العملي لهذه الآية قال ابن عباس: (إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقها الذي لها علىّ لأنّ الله تعالى قال (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) أي زينة من غير مأثم، وعنه أيضا: أي لهن من حسن الصحبة.
(٢) ٢- سورة الطلاق آية ٦
(٣) ٣- سورة البقرة آية٢٢٩
(٤) ٤- سورة البقرة آية ٢٣١ وسورة النساء ٢
(٥) ٥- سورة البقرة آية ٢٢٨
(٦) ١- ابن منظور، اللسان مادة (ع ر ف) والرازي، مفاتيح الغيب ٨/٢٢٦