لا خلاف أنّ القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص، وإقامة الحدود وغير ذلك؛ لأنّ الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعا أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود، وليس القصاص بلازم، وإنما اللازم ألا يتجاوز القصاص وغيره من الحدود إلى الاعتداء، فأمّا إذا وقع الرضا بدون القصاص من دية أو عفو فذلك مباح. (١)
ولا نريد الخوض في تفاصيل أحكام القصاص بقدر ما نريد التربية الأخلاقية التي تخشع لها القلوب أمام إطفاء نار فتنة القتل، فذكّر القرآنُ وليَ الدم بأنّ القاتل أخوك (فمن عفي له من أخيه شيء)
خبروني: هل وجدَت هذه الأخلاق الرفيعة قبل الإسلام ؟ وخيّر ولي الدم بين القتل أو أخذ الدية بمعروف، وفي حديث أبي شريح الكعبي قال قال رسول الله - ﷺ - "ألا إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله، فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل، فأهله بين خيرتين، أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا" (٢)
(٢) ١- لفظ أبي داود كتاب: الديات باب: ولي العمد يرضى بالدية ٤/١٧٢ رقم ٤٥٠٤
وسنن الترمذي كتاب: الديات عن رسول الله - ﷺ - باب: ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو ٤ /٢١ رقم ١٤٠٦ وقال الترمذي: حديث حسن صحيح