وهذه الآية الكريمة من المحكم إلى يوم القيامة، فنحن المسلمين مطالبون برد عدوان المعتدين، ولسنا مطالبين بالاعتداء، وبهذا الإحكام يقدّم القرآن للأمة أسمى المعاني للمجاهدين في سبيله فمدلول قوله (الذين يقاتلونكم) ألاّ تبدؤهم بقتال حتى يبدؤوكم (ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين) نهي عن ارتكاب المحظورات بالأعداء أثناء الجهاد في سبيل الله فحرم الاعتداء بكل أنواعه من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم والرهبان وأصحاب الصوامع وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة كما قال ذلك ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومقاتل بن حيان وغيرهم ولهذا جاء في الصحيح عن بريدة أنّ رسول الله - ﷺ - كان يقول :(اغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع) (١)
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله - ﷺ - إذا بعث جيوشه قال: (اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تعتدوا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع) (٢)
وعن ابن عمر قال: وجدت امرأة في بعض مغازي النبي - ﷺ - مقتولة فأنكر رسول الله - ﷺ - قتل النساء والصبيان. (٣)

(١) ٢- رواه مسلم كتاب: الجهاد والسير باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها ج: ٣ ص: ١٣٥٦ رقم ١٧٣١
(٢) ١- الحديث أخرجه الإمام أحمد عن أنس رقم ١٣٠٠
(٣) ٢- البخاري ٣٠١٤ ومسلم ١٧٤٤


الصفحة التالية
Icon