تؤثر الصلاة تأثيرًا إيجابيًا فتجعل صاحبها يعي ما يتكلم به، بحيث يكون عقله قبل لسانه، فلا يلغو ولا يفحش، وإذا سمعه يعرض عنه (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (١) وعن معنى اللغو يقول ابن منظور: اللغو واللغا: السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره، ولا يحصل منه فائدة ولا نفع، لقلته أو لخروجه على غير جهة الاعتماد من فاعله(٢)
وقال الراغب: هو ما لا يعتد به، وهو الذي يرد لا عن روية وفكر، فيجري مجرى اللغا ـ وهو صوت العصافير ـ وقد يسمى كل كلام قبيح لغوًا. (٣)
وفي التعبير بـ (معرضون) يفيد أنهم على هذه الأخلاق في عامة أوقاتهم ـ أي: تربوا على ذلك ـ كما ينبئ عنه الاسم الدال على الاستمرار، فيدخل في ذلك إعراضهم عنه حال اشتغالهم بالصلاة دخولا أوليًا، وإقامة الإعراض مقام الترك؛ ليدل على تباعدهم عنه رأسا مباشرة وتسببا وميلا وحضورا. (٤)
٣ـ الصلاة مقترنة بتطهير النفس من براثن الفواحش والمنكر
قال تعالى (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) (٥)
من التطبيق العملي لهذه الآية ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي - ﷺ - ولا يدع شيئا من الفواحش والسرقة إلا ركبه فذكر للنبي - ﷺ - فقال - ﷺ - (إنّ الصلاة ستنهاه) فلم يلبث أن تاب، وصلحت حاله، فقال رسول الله - ﷺ - (ألم أقل لكم) (٦)

(١) ٤- سورة القصص آية ٥٥
(٢) ٥- ابن منظور، اللسان ١٥/٤٥٠١
(٣) ٦- الراغب، المفردات ص ٤٥١
(٤) ٧- أبو السعود، إرشاد العقل السليم ٦/ ١٢٤ بتصرف
(٥) ١- سورة العنكبوت آية ٤٥
(٦) ٢- أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ٣/١٧٤ رقم ٣٢٦١


الصفحة التالية
Icon