تعويد التلاميذ في الحلقات القرآنية، وتدريبهم على أدب الإنصات والاستماع حال القراءة؛ حتى تصبح له ملكة وعادة يحسن التعامل بها مع الناس بعامة، ويحسن الأخذ بها وتطبيقها عند سماع القرآن الكريم الذي يثمر الخشوع القلبي، والطمأنينة النفسية، وهما من أعظم صفات عباد الله الصالحين حيث قال تعالى في وصف حالهم عند سماعهم تلاوة القرآن الكريم: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " ( الأنعام _ آية ٢ )، ولما كان الإنصات والاستماع إلى كلام رب العالمين ذا أثر بيّن على سلوك المتعلم جاء الأمر من الله تعالى بالاستماع والإنصات حال التلاوة حتى يحصل الخير والرحمة، قال تعالى :" وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" ( سورة الأعراف – آية ٢٠٤ )، ويؤكد ما أشرت إليه قول ابن كثير :" ما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظاما له واحتراما لا كما كان يتعمّده كفار قريش المشركون في قولهم ﴿ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ﴾ " (١)، ومع السماع والإنصات والتدبر سوف يتحقق المراد من إقامة هذه الحلقات، ويؤمن التلاميذ بأن هذا القرآن "أعظم المعجزات وأبين الدلالات وأصدق الحجج والبينات فقال ﴿ هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ﴾ " (٢)، وعليه فإن الطالب الذي يتربى على هذه المعاني الإيمانية، والبصائر التربوية يمتلك مهارة حسن السماع، والتي سوف تجعل منه شخصاً ذا بصيرة في أمره، وقادر على مخاطبة الآخرين، وإقناعهم ومحاورتهم؛ لأن " السمع أبو الملكات اللسانية "(٣).
(٢) المرجع السابق، ٣/٥٤٠.
(٣) ابن خلدون، المقدمة، مكة المكرمة: دار الباز للنشر والتوزيع، ١٣٩٨هـ، ١/٧٥٣.