إن الأمن الاجتماعي يتطلب الأخوة، ولن تحقق الأخوة الصادقة إلاّ بعد الإيمان الأمر الذي يجعل الفرد مستقلاً في شخصيته ولديه القدرة على احتمال الشدائد واحتساب أجرها عند الله لأن المسلم يبتلى على قدر دينه ويكون عظم الجزاء والثواب مرتبطاً بالبلاء وبهذا يترقى الإنسان في مدارج الخير والسعادة من خلال إيمانه بما أعده الله لعباده في الآخرة، أما إذا فُقد هذا الأمر لدى الفرد فإن ذلك يؤدي إلى الجنوح والجريمة.
إن بيئة الحلقة القرآنية تغرس في نفوس طلابها تعاليم الإسلام التي تؤكد الحفاظ على وحدة المجتمع وتقوي علاقات أفراده على الحب والمودة والتآلف والرحمة وتبعدهم عن الشقاق والاختلاف والعداوة والبغضاء، والمنهج التربوي الإسلامي اعتمد هذه المنهجية فكانت التربية القرآنية في الحلقات تقوم على توحيد العقيدة أولاً حتى يحدث التجانس الفكري وتتحد المقاييس الخلقية لدى التلاميذ وبالتالي يتوحد مصدر التلقي عندهم فتتوحد قلوبهم ونفوسهم.
إن التربية في الحلقات القرآنية تقوي التواصل بين طلابها وبين المجتمع ؛لأن تعاليم القرآن تؤكد التواصل بين الناس وتوثيق الروابط بينهم وإشاعة المودة والحب والتعاون وإبعاد عوامل الشقاق والتقاطع والتدابر وهذا ما يحتاجه المجتمع البشري في كل زمان ومكان، وتزداد الحاجة إليه في واقعنا المعاصر الذي سادت فيه قيم الحضارة الغربية وطغيان المادة في حياة الناس، قال تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون "(سورة آل عمران - ١٠٣).
المبحث الثالث: أثر الحلقات القرآنية في تحقيق الأمن الاجتماعي :


الصفحة التالية
Icon