تعد الحلقات القرآنية أحد محاضن التربية المهمة التي يتم من خلالها تربية وتوجيه أبناء المجتمع، وتنشئتهم على أخلاق القرآن وتعاليمه السامية، وآدابه الصالحة؛ فهي امتداد تاريخي لسلف الأمة في عنايتها بكتاب ربها عزّ وجل؛ حيث تؤازر الحلقات القرآنية الميادين التربوية الأخرى كالبيت والمدرسة في تهذيب النشء وتزكيته، فتعليم الصبيان القرآن الكريم يجعلهم ينشئون على الفطرة، وتسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها بتكرار المعصية والضلال (١)، فيتربى التلاميذ على العقيدة الصحيحة، والأخلاق الفاضلة فيقوى الوازع الديني لديهم فيصبح الرقيب ذاتياً، فإيمانه وأخلاقه تردعه عن مظاهر الانحراف، وإذا غفل سرعان ما يتذكر، فلديه واعظ في قلبه؛ لأن الدين يربي الفرد على الفطرة، وهو من أهم وسائل ضبط سلوك الفرد.
ومن هنا كانت العقائد والقوانين الاجتماعية وأنماط السلوك واللغة وغيرها من المفاهيم، تكوِّن للفرد إطاراً مرجعياً يحدد من خلاله سلوكه الخلقي وبضبطه عليه، وهذا الأمر لا يمكن أن ينتقل إلى الفرد بصورة صحيحة إلّا من خلال بيئة تربوية مؤثرة (٢).
(٢) محمد لبيب النجيحي، الأسس الاجتماعية للتربية، بيروت: دار النهضة العربية، د. ت، ص٩٥.