إن التربية الجماعية في المحاضن التربوية القرآنية لا سيما التي تكون في المسجد الذي لا يعدم مرتادوه الخير والأجر، والعلم والأخوة سوف ترتبط بالمنهج الرباني الذي أمر الله به، وقد كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول :"( يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنهما حبل الله الذي أمر به ) (١)، والباحث يرى أن هذا الاجتماع على الخير و تعلم القرآن وأداء الصلاة مع المسلمين في المسجد، والتي تثمر على العبد " انتظام الألفة بين المتجاورين في طرفي النهار وليختموا النهار بالاجتماع على الطاعة ويفتتحوه كذلك " (٢)، أي من خلال صلاة الفجر والعشاء)، والخلاصة أن وجود الولد داخل بيئة الحلقة القرآنية وازع أساسي يدفعه إلى التفاعل مع زملائه بروح الجماعة؛ فهو مدني بطبعه بل يبتعد عن الرذائل الخلقية، والسلوكيات المنحرفة، والمخالفات أو التجاوزات الأمنية؛ فهو يريد التفاعل الاجتماعي مع الناس، ومن هنا كان للتربية الجماعية في الحلقات القرآنية الأثر الإيجابي الفعّال في تقوية العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
إن الاجتماع بخاصة مع الصالحين الأسوياء وفي الحلقات القرآنية على مأدبة القرآن، وفي بيت من بيوت الله سوف يجعل هؤلاء الطلاب غالباً يعملون بأخلاق القرآن، ويحاكون المجتمعين عليه، ويتفاعلون مع جماعة المسجد، فيقلدون أفعالهم الحسنة، ويكتسبون أخلاقهم الصالحة ؛ لأن الاجتماع على القرآن، ومجالسة أهل الذكر والخير يثمر حماية الأولاد من الانحراف؛ فهؤلاء القوم هم القوم الذين لا يشقى جليسهم؛ خاصة عندما يتربى التلاميذ على هذه المبادئ في مراحل حياتهم المبكرة ( مرحلة الحلقة القرآنية )، وبهذا يتحقق الأمن الاجتماعي.
(٢) ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، د. ط، بيروت: دار المعارف، ١٣٧٩هـ، ٢/ ١٢٩.