وفي ضوء ما سبق يتضح لنا أهمية الحلقات القرآنية في المجتمع وأثرها في حفظ أفراد المجتمع من الانحراف لا سيّما الصغار حيث تملأ هذه الحلقات القرآنية أوقاتهم بالمفيد النافع من العلم والتوجيه والتأديب ؛ فتضيق مساحة الفراغ لدى طلاب الحلقة حيث أن الطالب أو الطالبة يقرأ ويسمّع ويتابع وبعد عودته إلى المنزل يراجع ويحفظ وهذان الأمران مهمان في استغلال فرصة الفراغ وجعلها نعمة كما جاء في الحديث " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " (١)، وليس نقمة كما دلت الدراسات والبحوث الميدانية التي سبق الإشارة إليها؛ حيث أدى الفراغ بهؤلاء الأولاد والشباب إلى الانحراف والوقوع في الجريمة.
ولذلك أكد السلف الصالح على العناية بالوقت وعمارته، يقول ابن الجوزي : ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربه ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل (٢).
و" لقد أثبتت الدراسات في علم الاجتماع أن ظاهرة الجنوح والجريمة في المجتمع السعودي ترتبط بحجم الفراغ ونمط النشاط الذي يمارس فيه، وأشارت الدراسة إلى أن معظم المحكوم عليهم في الإصلاحيات ودور الملاحظة الاجتماعية ودور التوجيه الاجتماعي كان لديهم وقت كبير خلال اليوم"(٣).
(٢) ابن الجوزي، صيد الخاطر، تحقيق : ناجي الطنطاوي، دمشق، دار الفكر، ١٣٩٨هـ، ص ٠٥.
(٣) أحمد الغنوم، الآثار الاجتماعية للجريمة المعاصرة، ندوة الأمن، ص٢٤٢.