معاني الكتاب والسنة وكلام السلف)(١).
وفي "صبح الأعشى": (قال صاحب "الريحان والريعان": ولم يزل الخلفاء الراشدون بعد النبي - ﷺ - يحثون على تعلم العربية، وحفظها والرعاية لمعانيها، إذ هي من الدين بالمكان المعلوم، والمحل المخصوص)(٢).
القدرة على اكتساب الملكة اللسانية.
الملكة اللسانية بشقيها -الفصاحة والبلاغة- كسائر الملكات، يمكن اكتسابها وتكوينها، وقد ورد في الحديث: «يَا أَيّهَا النَّاس تَعَلَّمُوا، إِنَّمَا الْعِلْم بِالتَّعَلُّمِ، وَالْفِقْه بِالتَّفَقُّهِ، وَمَنْ يُرِد الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّههُ فِي الدِّين»(٣)، وعقد ابن خلدون في مقدمته فصلاً (في أن اللغة ملكة صناعية) وقال: (اعلم أن اللغات كلها شبيهة بالصناعة، إذ هي ملكات في اللسان؛ للعبارة عن المعاني. وجودتها وقصورها بحسب تمام الملكة أو نقصانها... ، والملكات لا تحصل إلا بتكرار الأفعال؛ لأن الفعل يقع أولاً وتعود منه للذات صفة، ثم تكرر فتكون حالاً -ومعنى الحال أنها صفة غير راسخة- ثم يزيد التكرار فتكون ملكة، أي صفة راسخة.
فالمتكلم من العرب حين كانت ملكة اللغة العربية موجودة فيهم، يسمع كلام أهل جيله، وأساليبهم في مخاطباتهم وكيفية تعبيرهم عن مقاصدهم، كما يسمع الصبي استعمال المفردات في معانيها، فيلقنها أولاً، ثم يسمع التراكيب بعدها فيلقنها كذلك، ثم لا يزال سماعهم لذلك يتجدد في كل لحظة ومن كل متكلم، واستعماله يتكرر إلى أن يصير ذلك ملكة وصفة راسخة ويكون كأحدهم)(٤).
(٢) صبح الأعشى، للقلقشندي: ١/١٦٨.
(٣) ذكره البخاري معلقًا في باب: العلم قبل القول والعمل، وقال ابن حجر في فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١/١٦١: (إسناده حسن).
(٤) مقدمة ابن خلدون: ٢/٢٥٨، وينظر: إكساب وتنمية اللغة، للزواوي: ٢٧، وأثر القرآن الكريم في اللغة العربية، للباقوري: ٥٠.