وينبغي في هذا المقام التنبيه إلى ما نبه إليه ابن خلدون من أن تحصيل علم اللسان صناعة غير تحصيل الملكة، قال: (والسبب في ذلك أن صناعة العربية إنما هي معرفة قوانين هذه الملكة ومقاييسها خاصة. فهوعلم بكيفية، لا نفس كيفية. فليست نفس الملكة، إنما هي بمثابة من يعرف صناعة من الصنائع علمًا، ولا يحكمها عملاً. مثل أن يقول بصير بالخياطة، غير محكم لملكتها، في التعبير عن بعض أنواعها: الخياطة هي أن يدخل الخيط في خرت الإبرة، ثم يغرزها في لفقي الثوب مجتمعين، ويخرجها من الجانب الآخر بمقدار كذا، ثم يردها إلى حيث ابتدأت، ويخرجها قدام منفذها الأول بمطرح ما بين الثقبين الأولين، ثم يتمادى على ذلك إلى آخر العمل، ويعطي صورة الحبك والتنبيت والتفتيح وسائر أنواع الخياطة وأعمالها، وهو إذا طولب أن يعمل ذلك بيده لا يحكم منه شيئًا)(١).
وسائل اكتساب الملكة اللسانية.
ذكروا مصادر ووسائل عديدة لاكتساب الملكة اللسانية، منها: البيئة الاجتماعية الفصيحة التي ينشأ فيها الطفل على استماع الكلام الفصيح، والاستماع إلى وسائل الإعلام الفصيحة، وقراءة النصوص البليغة وحفظها والاستماع إليها، وتعلم علوم اللسان من صرف ونحو وبلاغة، والقراءة في معاجم العربية، ومزاولة الفصاحة والبلاغة تحدثًا وكتابة، وغير ذلك(٢).
(٢) ينظر: مقدمة ابن خلدون: ٢/٢٥٨ و٢٦٥، وكيف تغدو فصيحًا عف اللسان؟، للطيان: ٨٦-١٠٧، وإكساب وتنمية اللغة، للزواوي: ٦١-١٣٢.