وسأعرض لأهم المهارات اللغوية التي أكدت البحوث والدراسات أثر القرآن الكريم في اكتسابها وتنميتها، في المباحث التالية.
المبحث الأول: زيادة الثروة اللغوية
الثروة اللغوية ذات أهمية كبرى في اكتساب الملكة اللسانية بل في غيرها، فهي تساعد المرء على فهم كثير مما يقرأ أو يسمع، مما يحفزه إلى سرعة القراءة، وإلى الحديث بطلاقة، كما تساعده على الحديث عن المعنى الواحد بطرق مختلفة، والتنويع بين المترادفات ليعبر عن الموقف باللفظ المناسب له، كما تمنحه الثروة اللغوية قدرة فائقة على التفكير، وعلى التعبير عما في النفس من مشاعر وأحاسيس ورؤى وأفكار، وتمده بقدرة على التأثير والإقناع، فضلاً عما في الثروة اللغوية من تنشيط للإبداع، وتحفيز على التواصل والتفاعل مع الآخرين واستنطاق آرائهم وأفكارهم واكتساب خبراتهم.
إذا أدركنا هذه الأهمية للثروة اللغوية في التنمية اللغوية، والتواصل الاجتماعي، واكتساب الخبرات، وتنشيط الإبداع والإنتاج الفكري، ندرك ما ينتج عن فقدان هذه الثروة أو ضعفها من آثار سلبية، من عزلة اجتماعية، واضطراب في الشخصية، وضيق في الأفق الثقافي والفكري، وضحالة في الإنتاج الفكري والإبداعي، وهجران للغة(١).
وإذا كان الأمر بهذه الأهمية فإنه ينبغي السعي لتنمية الحصيلة اللغوية وإثرائها. ولعل من أهم الوسائل لذلك القراءة، والحفظ، وقد سبق بيان أهمية الحفظ في اكتساب الملكة اللسانية، وأعظم ما يحفظ كتاب الله - عز وجل -، الذي يمد المرء بثروة لغوية كبيرة، وقد عد قوم ألفاظه فبلغت أكثر من سبع وسبعين ألف لفظة(٢).
(٢) ينظر: الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي: ١/١٩٧.