فلقد امتن الله على عباده بإنزال القرآن العظيم فقال - عز وجل -: ؟ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ؟ [الكهف: ١]، وقال: ؟ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ؟ [الفرقان: ١]، وامتن سبحانه عليهم بتسهيل تلاوته وحفظه وتعلمه، كما قال - عز وجل -: ؟ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ؟ [القمر: ١٧]، وامتن عليهم مع ذلك أن علمهم البيان الذي به يكون النطق والقراءة والفهم والإفهام، وقد جمع الله بين هذه المنن في قوله - عز وجل -: ؟ الرَّحْمَنُ - عَلَّمَ الْقُرْآنَ - خَلَقَ الإِنْسَانَ - عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ؟ [الرحمن: ١-٤].
وكان من تقدير الله عز وجل أن أنزل هذا القرآن العظيم بلغة العرب التي هي أفضل اللغات وأشرفها، وأحسنها بيانًا، وأسهلها اكتسابًا، كما قال - عز وجل -: ؟ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ؟ [الشعراء: ١٩٢-١٩٥]، وقال: ؟ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ؟ [مريم: ٩٧]، وقال: ؟ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ؟ [يوسف: ٢]، قال ابن كثير: (وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات، على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو رمضان، فكمل من كل الوجوه)(١).

(١) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: ٤/٣٦٥.


الصفحة التالية
Icon