لهذه العلاقة الوثيقة بين القرآن العظيم واللغة العربية فإنه يفترض أن يكون له أثر كبير فيها، ليس في حفظها وانتشارها زمانًا ومكانًا على خلاف اللغات الأخرى التي لا تلبث أن تنقرض أو تتغير، فهذا أثر لا شك فيه(١)، وإنما الأثر المفترض أن يكون في اكتسابها وتكوين ملكتها، وهو ما تبين لي من خلال الواقع والتجارب والبحوث والدراسات التي تناولت هذا الموضوع، فأحببت أن أثبت نتائجها وأقدم خلاصتها في هذا البحث الموسوم بـ"أثر تعلم القرآن الكريم في اكتساب الملكة اللسانية"، لعله أن يكون محفزًا إلى حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتدبره، ومحفزًا إلى اكتساب لسانه العربي المبين وتعلمه، سائلاً الله - عز وجل - أن يرزقني فيه السداد والتوفيق.
وأنا أقدمه للملتقى الثالث للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، شاكرًا للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض رعايتها وتنظيمها للملتقى، ودعمها لكل ما يخدم كتاب الله - عز وجل -، وسائلاً الله - عز وجل - أن يرفع درجات القائمين عليها في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
البحث
تعريف الملكة واللسان.
الملكة هي: الصفة الراسخة في النفس، بحيث لا تقبل الزوال بسهولة(٢).
والمقصود باللسان هنا: اللغة العربية، ويقال للغة لسانًا، كما في قول الله تعالى: ؟ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْن ؟ [الشعراء: ١٩٥]، وقوله: ؟ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ؟ [النحل: ١٠٣].

(١) ينظر: أثر القرآن في اللغة العربية، لأحمد الباقوري: ٢٨، وفصول في فقه العربية، لرمضان عبد التواب: ٤١٤.
(٢). ينظر: التعريفات، للجرجاني: ٢٩٧، وتاج العروس، للزبيدي: ١٠/١٧٠ مادة "س ج ى"، ومقدمة ابن خلدون: ٢/٢٥٨.


الصفحة التالية
Icon