ولما كان الكلام يتدرج من الفصاحة إلى البلاغة؛ لأن المرء لا يكون بليغًا حتى يكون فصيحًا، فإن الملكة اللسانية تشملهما، وهما ملكتان.
أما الفصاحة فإنها تهدف إلى الإبانة والإيضاح والإفهام، وتُعنى بصحة استعمال اللفظة في معناها المعروف في لغة العرب، وسلامة بنائها ونطقها، وسلامتها من الغرابة والابتذال وثقل النطق، وصحة التركيب نحويًا، وسلامته من اللحن والتعقيد وثقل النطق.
وأما البلاغة فإنها تهدف بعد فصاحة الكلام إلى التأثير والإقناع، وتُعنى برعاية الكلام لمقتضى الحال.
وقد تستعمل الفصاحة في معنى البلاغة، وهذا شائع قديمًا قبل الاصطلاح على تقسيم الكلام عند البلاغيين إلى فصيح وبليغ(١).
شأن الملكة اللسانية عند العرب.
للملكة اللسانية عند العرب شأن عظيم، حتى صارت قيمة من القيم الاجتماعية، ومقومًا من مقومات الشخصية، ومعيارًا للمروءة والجمال، وكثر النقل عنهم في هذا المعنى، حتى قال الأصمعي: (العرب تقول: جمال الرجل الفصاحة)(٢)، وقال ابن عبد البر: (كان يقال: الجمال في اللسان)(٣)، وقال: (قالوا: العربية تزيد في المروءة)(٤).

(١) ينظر في الفصاحة والبلاغة: الإيضاح، للقزويني، مع شروح التلخيص: ١/٦٥-١٥٠.
(٢) إعراب القراءات، لابن خالويه: ١/٣١.
(٣) بهجة المجالس، لابن عبد البر: ١/٥٨.
(٤) المصدر السابق: ١/٦٦.


الصفحة التالية
Icon