وأما الثانية -السلامة الصرفية- فالمقصود بها ما يهدف إليه علم التصريف، من العناية بهيئة الكلمة المفردة، وكيفية بنائها ونطقها كما نطق بها العرب في معانيها الملائمة لها، ككيفية نطق عين المضارع من الفعل الماضي المفتوح العين أو مضمومها أو مكسورها، وكيفية بناء المصدر من الفعل الثلاثي أو الرباعي أو غيرهما، وكيفية التثنية، أو الجمع، أو التصغير، أو النسبة، وغير ذلك.
وهذه شرط تتحقق بها مع غيرها من الشروط فصاحة الكلمة؛ لأن مقصود الفصاحة الإبانة والإفهام، وإذا لم تتحقق السلامة الصرفية فإن سوء الفهم وارد على المتلقي، لسوء الإفهام الحاصل من سوء النطق، وخذ مثلاً في ذلك اشتقاق الماضي والمضارع من المادة "ك ب ر"؛ فإنهما ينطقان لمن أسن: "كَبِرَ" بكسر الباء في الماضي، وفتحها في المضارع "يَكْبَر". أما لما عظم فينطقان بضم الباء في الماضي وفي المضارع: " كَبُرَ يَكْبُر"، والمصدران مختلفان؛ فمصدر الأول "كِبَر" بفتح الباء، ومصدر الثاني "كِبْر" بسكونها. ولو نطق أحدهما في موضع الثاني اختلف المعنى. ومن ذلك: مادة "و ج د" فإنها متحدة الماضي والمضارع "وَجَدَ يَجِد" لكنها مختلفة المصادر بحسب اختلاف المعاني؛ فيقال في الغضب: "مَوْجِدَة"، وفي المطلوب: "وُجُودًا"، وفي الضالة: "وِجْدَانًا"، وفي الحب: "وَجْدًا" بفتح الواو، وفي المال: "وُجْدًا" بضمها، وفي الغنى: "جِدَة" بكسر الجيم وتخفيف الدال المفتوحة، على الأشهر في جميع ذلك(١).
وتتحقق السلامة الصرفية بوسائل عديدة، منها: التلقي، وتعلم فن الصرف، والرجوع إلى المعاجم اللغوية، وإدامة النظر والقراءة في الكلام العربي الفصيح وحفظه، ومن أهم ذلك حفظ كلام الله عز وجل وتلاوته، الذي نزل بلسان عربي مبين.