وأما الثالثة-السلامة النحوية- فالمقصود بها ما يهدف إليه علم النحو، من البعد عن اللحن في نطق أواخر الكلمات معربةً أو مبنيةً على ما تقتضيه القواعد النحوية المستقرأة من كلام العرب.
وهذه شرط تتحقق بها مع غيرها من الشروط فصاحة الكلام؛ لأنه قد يكون في تخلف هذا الشرط سوء في الإبانة والفهم، ومن ذلك مثلاً أن تقول: حفظتُ القرآن؛ ببناء تاء الفاعل على الضم وأنت تقصد المخاطَب، أو تعكس فتقول: حفظتَ؛ بالبناء على الفتح، وأنت تريد نفسك. وفي "صبح الأعشى": (قال - أي: صاحب الريحان والريعان-: وإذا لم يتجه الإعراب فسد المعنى؛ فإن اللحن يغير المعنى واللفظ، ويقلبه عن المراد به إلى ضده، حتى يفهم السامع خلاف المقصود منه. وقد روي أن أعرابيًا سمع قارئًا يقرأ: ؟ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِن الْمُشْرِكِينَ وَرَسُوْله ؟ [التوبة: ٣] بجر "رسوله"، فتوهم عطفه على "المشركين"، فقال: أو بريء الله من رسوله؟... ، وقرأ آخر: ؟ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ؟ [فاطر: ٢٨] برفع الأول ونصب الثاني، فوقع في الكفر بنقل فتحة إلى ضمة، وضمة إلى فتحة، فقيل له: يا هذا إن الله تعالى لا يخشى أحدًا! فتنبه لذلك وتفطن له. وسمع أعرابي رجلاً يقول: أشهد أن محمدًا رسولَ الله، بفتح "رسول الله"، فتوهم أنه نصبه على النعت، فقال: يفعل ماذا؟. وقال رجل لآخر: ما شانَك؟ بالنصب، فظن أنه يسأله عن شين به، فقال: عظم في وجهي. وقال رجل لأعرابي: كيف أهلِك؟ بكسر اللام، وهو يريد السؤال عن أهله، فتوهم أنه يسأله عن كيفية هلاك نفسه، فقال: صلبًا)(١).
وتتحقق السلامة النحوية بوسائل عديدة، منها: التلقي، وتعلم النحو، والاستماع إلى الكلام العربي الفصيح وحفظه معربًا، ومن أهم ذلك حفظ كلام الله - عز وجل - وتلاوته.