ولنتأمل في قول الله - عز وجل - عن إبراهيم - عليه السلام -: ؟ قَالَ أَفَرَءَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ - أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ - فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ - الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ - وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ - وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ - وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ - وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين ؟ [الشعراء: ٧٥-٨٢]، ففي هذه الآيات ترد التساؤلات التالية: لم اختير لفظ "رب" ولم يختر لفظ "إله" مع أنه هو المتبادر إلى الذهن، لكون إبراهيم يتحدث عن العبودية؟ ولم أضيف الرب إلى العالمين، ثم قصر أفعاله عليه وحده؟ ولم اختير تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي؟ ولم أسند المرض إلى نفسه وهو من تقدير الله - عز وجل -، مع أنه أسند بقية الأفعال إلى الرب؟ ولم عطف بين الأفعال مرة بالفاء ومرة بالواو ومرة بثم؟ وما سر الترتيب بين هذه الأفعال؟ ولم جاء الضمير "هو" مع الأفعال إلا في الإماتة والإحياء؟، ولم كرر اسم الموصول إلا مع المرض والشفاء، مع أن الظاهر يقتضي العطف من غير تكرار؟ ولم جاء فعل الخلق بصيغة الماضي والأفعال الأخرى بالمضارع؟ ولم أطلق على رجاء المغفرة لفظ الطمع؟. كل ذلك ولا شك جاء مراعاة للمقام، وللإجابة على هذه التساؤلات يراجع كتب التفسير التي تعنى بالبلاغة(١).