ولقد كان لهذا الخلق القرآني في التعبير أثره في تعبير النبي - ﷺ -، وكيف لا يكون والقرآن خلقه، كما روى مسلم (٧٤٦) عن سعد بن هشام أنه سأل عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله - ﷺ - ؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: «فإن خلق نبي الله - ﷺ - كان القرآن». وفي البخاري (٣٥٥٩) ومسلم (٢٣٢١) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: «لم يكن النبي - ﷺ - فاحشًا ولا متفحِّشًا»، وفي البخاري (٦٠٣١) عن أنس - رضي الله عنه - قال: «لم يكن النبي - ﷺ - سبَّابًا ولا فحَّاشًا ولا لعَّانًا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له، ترب جبينه»، وحتى مع سوء أدب اليهود نجد الخلق الرفيع من النبي - ﷺ -، كما روى البخاري (٦٠٣٠ و٦٢٥٦) ومسلم (٢١٦٥) عن عائشة رضي الله عنها أن يهود أتوا النبي - ﷺ - فقالوا: السام عليكم(١). قالت عائشة: ففهمتها، فقلت: عليكم السام، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم. فقال الرسول - ﷺ -: «مَهْلاً يا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، فإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأَمْرِ كُلِّه، وإِيَّاكِ والعُنْفَ والفُحْشَ» قالت: أولم تسمع ما قالوا ؟ قال: «أَوَلَمْ تَسْمَعِي ما قُلْتُ ؟ قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُم، رَدَدْتُ عَلَيْهِم، فيُسْتَجَابُ لي فِيْهِم، ولا يُسْتَجَابُ لهم فِيَّ».
الخاتمة
وبعد، فهذا جهد المقل، بذلت فيه جهدًا، وأردت به خيرًا؛ أن أخدم أشرف كلام نزل بأشرف لغة، لعلي أن أكون من أهل القرآن، فإن تحقق المراد فهو من توفيق الله وهدايته وإعانته وتسديده، وهو ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.