وكانوا يعيبون اللحن، ويعظم إذا كان في القرآن والحديث، وورد عن الحسن البصري قوله: (من لحن في القرآن فقد كذب على الله، ومن لحن في حديثه - ﷺ - فقد كذب عليه؛ لأنه - ﷺ - لم يكن يلحن)(١)، ويروى عن عمر - رضي الله عنه - أنه لا يرى الصلاة خلف اللحان(٢)، وقيل للحسن: إن لنا إمامًا يلحن؟ قال: أخِّروه(٣)، وورد عن بعضهم: (اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه)(٤)، وقال يحيى بن خالد: (ما رأيت رجلاً قط إلا هبته، حتى يتكلم؛ فإن كان فصيحًا عظم في صدري، وإن قصر سقط من عيني)(٥)، وقال المأمون لأحد أولاده -وقد سمع منه لحنًا-: (ما على أحدكم أن يتعلم العربية، فيقيم بها أوده، ويزين بها مشهده، ويفل بها حجج خصمه بمسكتات حكمه، ويملك مجلس سلطانه بظاهر بيانه. أويسر أحدكم أن يكون لسانه كلسان عبده أو أمته، فلا يزال الدهر أسير كلمته؟!)(٦)، وقال علي بن محمد العلوي(٧):

رأيت لسان المرء رائد عقله وعنوانه فانظر بماذا تعنون
ولا تعد إصلاح اللسان فإنه يخبر عما عنده ويبين
ويعجبني زي الفتى وجماله فيسقط من عيني ساعة يلحن
(١) ينظر: المصدر السابق: ٢١٤.
(٢) ينظر في تخريجه: المصدر السابق: ٢٤٠، ولم يجد له سندًا.
(٣) ينظر: المصدر السابق: ٢٤١.
(٤) ينظر: المصدر السابق: ٢٣٤.
(٥) المستطرف في كل فن مستظرف، للإبشيهي: ١/٧٦.
(٦) بهجة المجالس، لابن عبد البر: ١/٦٥.
(٧) المصدر السابق: ١/٦٥.


الصفحة التالية
Icon