ثم يجد التحذير البليغ من إهمال التفقه والاستكبار عن تفهم آيات الله، وما يلحق فاعله من العذاب والنكال الشديد، قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ﴾ [الأعراف: من الآية٤٠] وقال :﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ (١) [الأعراف: ٣٦].
وما هذا الصدود والانصراف عن التفقه في الدين إلا علامة ما تشرب به القلب من العتو والاستكبار، قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا ﴾ [الأعراف: من الآية١٤٦].
من فضائل القرآن الكريم ومناقبه، ما اشتمل عليه من أحكام ومبادئ فقهية ومسائل جامعة، قال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: من الآية٨٩] والتبيّن من وجوه منها ما بيّن فرضه فيه، ومنها ما أنزله جملة وأمر بالاجتهاد في طلبه(٢).
ووعد الله تعالى الراغب في فهم معانيه باليسر والسهولة، كما قال :﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: ١٧] ومن شأن ذلك، أن يُغري المتعلم للقرآن الكريم بالعمل الدائب المتواصل لمعرفة هذه الأحكام والتنقيب عنها.
يقول الضحاك (ت بعد المائة) : حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيهاً(٣).
(٢) الشافعي، جماع العلم ٢٦.
(٣) أخرجه الدارمي في السنن ١/٨٠، والخطيب في الفقيه والمتفقه ١/١٣، وابن عبدالبر في الجامع ٢/٢٠٤.